ما بين السيء والاسوأ



هذا المقال نشر في موقع المحروسة
http://www.elma7rosa.org/ar/?p=5714 

نردد كثيراً تلك العبارة منذ اعلان نتيجة المرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية , نعي اننا قد وقعنا في فخ اسوا من كل توقعاتنا – رغم تنبؤ العديدين به- الا ان كما يقال وقوع البلاء ولا انتظاره.
وضِعنا بإنتخاباتٍ على قدر كبير من النزاهة وقدر قليل من الديمقراطية البحتة غير الموجهة بين شقي رحى "شق شفيق وشق مرسي" ووجب علينا الاختيار , وجب علينا المقارنة والتفضيل! , وأي تفضيل يجعلنا نقارن بين سيئين لوطن لم يخطو عدة خطوات نحو الديمقراطية والحرية. اعترف ان ما حدث من انتخابات هو خطوة حثيثة نحوها ولكنها ليست الديمقراطية المطلوبة , تلك التي نتجت بعد تشويه متعمد لثورة مجيدة و"تلميع" للنظام السابق وكأننا لم نعهده لمدة ثلاثون عاماً !
البعض عندما قارنوا وجدوا ان الحل الامثل هو المقاطعة او ابطال الصوت الانتخابي مع الحشد لتلك الفكرة كي لا يلوموا انفسهم بعد فوز الاخوان او الفلول لاختلافهم التام معهم لكنني ارى انه اضعف الايمان مع كامل الاحترام لكل المنادين بالمقاطعة من النخبة السياسية  وذوي الاراء التحليلية الفذة الا انهم بسلبيتهم او قلة حيلتهم يساهمون في حالة التخبط التي يعاني منها الناخبون.
البعض الاخر سيصوت من منظور طائفي فمثلا الاقباط سيصوتون لشفيق لانه – من وجهة نظرهم- ينادي بالمدنية عكس مرسي ودولته الدينية , والبعض الاخر من منظور خدمي فمثلا اولئك الذين يصلهم "التموين الشهري" من الاخوان سيصوتون لمرسي لانه انفع لهم من شفيق الذي لم يروا منه "بصلة" حتى الان بغض النظر عن توجهاتهم ! , والبعض سيصوت من منظور الاستقرار والخبرة والممارسة السياسية السابقة وأيضا من حيث الخطاب الاعلامي والحضور ويرون ان شفيق هو الانسب , والبعض سيصوت من منظور نفسي نتيجة الاسلاموفوبيا او الفلولوفوبيا ; لكن هناك فئة قليلة نوعا ما تعتبر ان الاخوان شئنا ام ابينا _ رغم اختلافنا معهم ورغم كل ما فعلوه من ركوب للثورة ومن انقضاض عليها ومن جني لمكاسبها وحدهم وما فعلوه للثوار من تخاذل وغيره – الا انهم احد القوى السياسية التي وقفت ضد نظام مبارك ووصول مرشحهم للاعادة بمثابة وصول مرشح ثوري ولكنه اسلامي لينافس مرشح النظام السابق.
نعم نعاني جميعا من تخبط فنري الثوري الذي يعاني من الاسلاموفوبيا يدعم شفيق خوفا واضطرارا ونرى الثوري الليبرالي يدعم مرسي خوفا من تكرار نظام مستبد ونرى العديدين مقاطعون او مبطلون رغم ان اخرين نصحوهم بالتراجع عن موقفهم لان ذلك يصب في صالح احد المرشحين وفي الغالب هو شفيق لكنهم مصرين على عدم الاشتراك في العبثية السياسية التي تمر بها مرحلتنا الانتقالية.

ورغم كل ما سردته من تحليلات تدور في الاوساط السياسية هذه الايام ورغم كثرة المتحدثين في ذلك الموضوع الا انه من المهم ان ندرك ان فترة الرئاسة اربع سنوات فقط لا تحتمل التجربة ولا تحتمل المخاطرة لقد اضعنا قرابة العام والنصف ونحن متخبطون في مرحلة انتقالية تحت حكم العسكر ألم يأت الاوان لكي نتخلص منه الان ؟
يجب ان نعي ان صوتنا أمانة واننا شركاء في الاختيار لاننا حتما سنرضخ لنتيجة الانتخابات طالما لم تزّور فلا للمقاطعة وأعد ترتيب حساباتك , لا تسلم وطنك لمن لا تريده ,. اختر احد السيئين .. اختر السيء ولا تختار الاسوأ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

علم الاصوات

الاسناد في العربية والعبرية

اسرة اللغات السامية.